الجمعة، 8 سبتمبر 2017

برج صافيتا



برج صافيتا الصرح الشامخ ... موقع دفاعي لحامية فينيقية في دولة أرواد



في صافيتا اجتمعت إبداعات الخالق فكانت عالما من السحر ولوحة فنية فريدة شكلتها تلال الزيتون والأزهار , وفي وسطها تربع برجها الشاهق بأمان في أعلى قمة فيها على هضبة مستديرة صخرية في الشعاب الجنوبية لجبال البهرة سلسلة الجبال الساحلية اليوم،
فكان من أهم آثار المدينة وموقعاً دفاعياً لحامية فينيقية في دولة أرواد ,وصلة اتصال بين القلاع قديماً ,تميز بحجارته البيضاء وهو أضخم برج صليبي قائم حتى الآن في العالم .‏‏
الموقع‏‏
تقع القلعة في بلدة صافيتا في الزاوية الجنوبية الشرقية لطرطوس و من الجهة الغربية لمشتى الحلو,ويبعد27 كم عن مدينة طرطوس و16كم عن مشتى الحلو حيث تربض القلعة على قمم ثلاث يتوسط إحداهما برجها الشهير الذي يرتفع عن سطح البحر 419 م.‏‏
ولم يتبق من قلعة صافيتا سوى أحد أبراجها الضخمة الذي هو برج صافيتا الذي يرتفع حوالي 28 م ليكون من أهم المعالم الأثرية فيها.‏‏
التسمية‏‏
حمل برج صافيتا اسم القصر الأبيض ,أو الحصن الأبيض بالافرنجية حيث كانت هذه التسمية تطلق أيام الحروب الصليبية، وتعود سبب التسمية على برج صافيتا بأنه البرج الأبيض لأن الحجارة المبني منها هي حجارة كلسيه بيضاء.‏‏
 صلة اتصال بين القلاع‏‏

لموقع البرج حساسية خاصة تميزه عن باقي قلاع الفرنجة كونه يتاخم قلعة مصياف، وقلعة القد موس ,وكان قديما صلة اتصال بين قلعة المرقب على الساحل وقلعة الحصن في الجنوب الغربي حيث كان الصليبيون يخابرون بإشارات الدخان نهارا وبالنار ليلا , ويمكن رؤية قلعة الحصن وقلعة العريمة وقلعة طرابلس وبرج ميعار وقلعة يحمور وقلعة أم الحوش وقلعة العليقة وصلاح الدين بالعين المجردة من هذا البرج، حيث أنه يشكل مركز شبكة اتصال مع تلك القلاع بالنيران ليلاً والدخان نهارا .‏‏
تاريخ القلعة‏‏
يرتبط تاريخ صافيتا بتاريخ البرج , ولكن لم يرد في المصادر التاريخية أي إشارة إلى ذكر تاريخ وبناء البرج، ولكن من الدراسات التي أجريت على البرج يلاحظ أن الأساس الذي بني عليه برج صافيتا (الذي هو مغمور تقريباً) هو أساس فينيقي ، وبالتالي يرجح أنه قد بني في العهد الفينيقي ومن المحتمل أنه يعود إلى العهد الروماني والبيزنطي ثم الصليبي ومن ثم الإسلامي.‏‏


لقد ورد ذكر البرج لأول مرة في المصادر التاريخية عندما احتله الصليبيون وقد قاموا بتجديد بنائه,(كانت كونتيسة طرابلس ) هي أول من أنشأ حصناً في المكان بعد أن تمكن ريموند دي سان جيل من الاستيلاء على طرابلس من إمارة بني عمار التي حكمت طرابلس لصالح الخلافة الفاطمية، غير أنَّ نور الدين زنكي احتله و هدم الحصن عام 1167م ولكن سرعان ما انتقل بعد ذلك إلى عهدة فرسان الداوية الذين جددوا بناءه بعد الهزة الأرضية التي حدثت عام 1170 م، وقد تسبب في تخريبه من جديد عام 1171 م هجوم آخر شنه نور الدين الزنكي في محاولة لاسترجاعه.‏‏
في عام 1172 م، وفي عهد ريموند الثالث كونت طرابلس هاجم نور الدين هذا البرج وأخذه عنوة.‏‏
ثم إنَّ الملك الفرنسي لويس التاسع المعروف أكثر باسم (القديس لويس )وسَّع البناء.‏‏
ولكن البناء الحالي الذي نشاهده اليوم هو من تشييد فرسان الهيكل أو الهيكليين ويعود إلى العام 1180م.‏‏

في عام 1188 م تعرض البرج لزلزال ثان ثم خضع لإعادة بنائه من جديد بشكل محصن أكثر مما سبق بسبب حصار السلطان صلاح الدين الأيوبي.‏‏
 في عام 1202 م، تم تجديد البرج أيضاً بعد هزة أرضية أخرى وعلى الأرجح هو التجديد الأخير في بنائه والمحافظ على شكله الحالي الذي يعود إلى تلك الحقبة الزمنية.‏‏
في عام 1218 م، شن الملك الأشرف سلطان حلب هجوماً مضللاً على البرج لإرهاق مؤخرات الجيش الصليبي الخامس الذي كان في تلك اللحظة يحاصر دمياط , ولا يزال قسم من السور الشرقي ببوابته الجميلة قائماً، وقد قامت مديرية الآثار والمتاحف بترميمه عام 1933م .‏‏

شهرة كبيرة‏‏
 وكان البرج لازال في حالة جيدة حتى نهاية القرن التاسع عشر ومن ثم بدأ سكان المناطق المجاورة ببناء المساكن المحاذية له والقريبة منه وضمن سوره وفوقه بحيث أصبحت تغطي قسماً كبيراً من معالم سور البرج حتى شكلت تلك المنازل بلدة صغيرة يطلق عليها اليوم اسم صافيتا نسبة إلى البرج وأصبح لبرج صافيتا شهرة كبيرة , ويقال لصافيتا اسم صافيتا البرج.‏‏

لقد انتقلت السيطرة على البرج من العرب إلى الصليبيين والعكس وذلك لأهميته الاستراتيجية حتى استقر بيد العرب, والمناطق المحيطة به كانت مأهولة منذ فجر التاريخ فقد وجدت لقى فخارية وبرونزية ومدافن في الوادي الشمالي.‏‏
الوصف المعماري‏‏
يبدو البرج مرئياً من جميع الاتجاهات ولكن السور الواقي الخارجي لم يعد مرئياً إلا بأجزاء قليلة منه بسبب البناء الذي شيد على جوانبه وفوقه.‏‏

الدخول إلى البرج يتم من البوابة المطلة على جهة الشرق ، وهي ذات بناء مؤلف من طابقين لم يبق منه سوى الجدار الغربي وأطلال ذات عقود بدأت في أيامنا هذه تفقد معالمها شيئاً فشيئاً، أما البرج المحصن ويبدو من المدخل الرئيسي بشكل جيد جدرانه قد شيدت من قطع حجرية مربعة رائعة تظهر فيها آثار مميزة للإصلاحات التي جرت بعد الزلزال الأول عام 1170 م والزلزال الثاني عام 1202 م الذي انهار خلاله الطابق العلوي وأجزاء من الزاوية اليسارية.‏‏

تذكر المصادر التاريخية أن المدينة كان لها سوران :‏‏
سور خارجي يراه الزائر الصاعد من الساحة الصغيرة المجاورة لكنيسة السيدة باتجاه البرج كان ذا جدران ناعمة ملساء.‏‏
سور داخلي يحيط بالصرح الشامخ للبرج الأبيض و بينهما كان يوجد ما يسمى بالخندق و الذي كان يحول دون الوصول إلى البرج من معابر خاصة و قد ردمت و زالت معالمه تماماً .‏‏
و هذا الخندق كان يملأ بالمياه من الخزان الموجود بالطابق الأرضي على طوله و عمقه في حال حدوث أي هجوم على القلعة .‏‏

و كلا السورين الأول هدمت جوانبه المعارك و الثاني بنيت عليه البيوت فلم يعد مرئياً إلا أجزاء قليلة منه بسبب البناء الذي شيد على جوانبه و فوقه و صار يصعب إلا على المدقق فيه أن يبين معالمه بسهولة ,وهناك أقبية عديدة تصل البرج بهذين السورين تلتقي بغرفة تحت بنائه كان يمكن الوصول إليها عن طريق باب موجود من الجهة الجنوبية للبرج .‏‏
إلى جانب البرج يوجد بئر ماء بني بأحجار كلسيه يبلغ عمقه 10 أمتار و يقال بأن هذا البئر يعتبر الخزان الرئيسي للقلعة فهو متصل بآبار فرعية أخرى تتوزع في الأحياء القديمة المجاورة , و تؤكد المعلومات أن هذه الخزانات الفرعية تأتي تغذيتها من بئر البرج الرئيسي فهي متصلة مع بعضها.‏‏

أقسام البرج‏‏
يتألف البرج المحصن من أربعة أقسام :‏‏
- الأساس الفينيقي وهو مغمور تقريباً، ولكن أساسه يظهر من الجهة الشرقية والشمالية.‏‏
- الطابق الأرضي وهو عبارة عن أقبية سقوفها نصف دائرية لها بوابات تؤدي إلى سراديب وفيها خزان ماء محفور بالصخر تم ردمه عندما بدأ السكان ببناء مساكنهم.‏‏
- الطابق الأول للبرج ويتألف من كنيسة تمارس الطقوس الدينية فيها حاليا.‏‏

- الطابق الثاني ويدعى بالقاعة الكبرى فوق الكنيسة للبرج المحصن وهو عبارة عن صالة مفتوحة وفيها نوافذ ومرامي سهام عميقة كانت تؤمن الدفاع عن البرج ، وقد تم تصميم الطابق الثاني وبناؤه في أوائل القرن الثالث عشر على ثلاث ركائز من الأعمدة الضخمة البارزة تستند عليها عقود متصالبة شديدة الانحناء ويتم الوصول إلى السطح عن طريق درج في الطابق الثاني ويحوي السطح على شرفات مازال قسماً منها محتفظاً بفتحاته وهي تطل على الأفق البعيد .‏‏
السور ببنائه كان مرتفعاً وواسعاً ولكنه مع مرور الزمن تهدم وبنيت المنازل داخله ومن حجارته حتى التصقت بالبرج من الجهة الجنوبية , ومازال إلى الآن قسماً من السور الشرقي ببوابته الجميلة قائما.‏‏
الوصول إليه‏‏
يتم الوصول إلى البرج عن طريق سلوك الطريق العام (طرطوس- صافيتا) ، مفرق البرج موجود في الحارة الغربية (طريق حجري) يؤدي إلى قمة الجبل ثم إلى البرج ,أما بالنسبة للقادم من حمص يمكنه الانعطاف عن الطريق العام (حمص- طرطوس) إلى اليمين عند مشاهدة لوحة الدلالة حتى الوصول إلى البرج.‏‏

  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق