الجمعة، 8 سبتمبر 2017

مغارة الضوايات



مغارة الضوايات.. تحفة طبيعية ساحرة تزين




يعتبر التجول في الكهوف والمغر اليوم سياحة مثيرة وممتعة تصحبها رغبة بالاكتشاف تعتمد في مضمونها على روح المغامرة والاستطلاع وتستحوذ على جمهور كبير مع إمكانية الاستفادة منها للأغراض الطبية ويقال إن نقاء الهواء داخلها
ونسبة الرطوبة المعتدلة تجعلها بيئة مناسبة لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية مثل الربو والتحسس وأمراض الجهاز التنفسي وكذلك علاج بعض الأمراض كالقلق والتوتر.‏

من يذهب لسورية لا بد وأن يسمع بمشتى الحلو، وهي مصيف تبعد عن مدينة صافيتا /26/كم ويقال: إن اسمها مرتبط بوظيفتها كمركز شتوي لحفظ بذور دودة الحرير، وفي هذه البلدة الخلابة الملونة بخضار أوراق الشجر واحمرار قرميد البيوت، تقع مغارة الضوايات، ونبع العطشان. ‏‏
أقدم المغارات‏
تقع مغارة الضوايات في منطقة الجبال الساحلية السورية وتحديدا في محافظة طرطوس وحيث يلتقي الوادي بالجبل بالبحر من خلال سلسلة طبيعية جميلة تتموضع بلدة «مشتى الحلو» الجميلة التي تعتبر من أجمل المواقع السياحية السورية‏

وتضم أشهر المنتجعات، تقع في الشمال الشرقي من بلدة مشتى الحلو على بعد 2 كم منها. فقط أي عشر دقائق عن مركز البلدة تتموضع مغارة الضوايات التي تعتبر من أقدم المغارات و تم استثمارها سياحيا من قبل السوريين التي اكتشفت من قبل أهالي المنطقة سنة 1914 أي قبل 95 عاما. وحسب تقديرات الجيولوجيين فإن عمر هذه المغارة نحو 20 مليون سنة أي من عمر مغارة جعيتا اللبنانية الشهيرة، وترتفع المغارة عن سطح البحر 750 مترا.‏
وأخذت المغارة اسمها الضوايات من وجود فتحات في سقفها، وتتميز المغارة أيضا بمناظر بتصميمات رائعة من عمل الطبيعة، وفيها نفق ضيق انسيابي الشكل يأخذك إلى قاعات عمرها من عمر المغارة‏

منحوتة صخرية بيد إلهية‏
والضوايات استثمرت سياحيا قبل نحو 40 عاما وتمت إنارتها من الداخل عندما تم فتحها لعامة السياح بعدما وصلت شهرتها للعالم أجمع ولم يكن حتى كثير من السوريين يعرفونها.‏
تمتد المغارة عدة كيلومترات تحت الأرض, تتميز المغارة بجمال ما نحتته الطبيعة فيها من نوازل وصواعد وأشكال بديعة.‏

تشكل المغارة تحفة فنية صخرية ساحرة أبدعتها قدرة الخالق سبحانه وتعالى .‏
الوصول إلى المغارة سهل بالسيارة أو مشيا على الأقدام من بلدة مشتى الحلو فالطريق إليها معبد بشكل جيد، والتجول داخل المغارة ممتع.‏
وعند المسير في هذه المغارة الرائعة تشعر بهدوء رائع لا يقطعه سوى صوت قطرات المياه المنهمرة من أعلى أو التي تتجمع كخيوط رفيعة على الأرض لتجد طريقها وتجتمع معاً و تتميز بوجود نبع مياه غزير يسمى نبع العطشان مياهه عذبة منعشة تشرب منها ولا ترتوي لطيبتها و عذوبتها وبرودتها.‏
جولة ساحرة في عالم عجيب‏
مجموعة من الشباب هم مثل الكثيرين كانوا قد سمعوا عن المغارة ولكن لم يروها وذات يوم قاموا في جولة سياحية ساحرة لعمق التاريخ، يصفون ما يشاهدونه لدى وصولهم إلى باب المغارة لنعيش معهم لحظات تعود بنا إلى عالم غريب عجيب عمره 20 مليون عام, وقالوا:‏


كانت الصخور تبدو متماسكة ، التففنا حول الجبل فرأينا الجبل وقد رفع أحد أقدامه قليلاً عن الأرض، ومن فتحة بحجم قدم دخلنا إلى ساحة واسعة، لكن كنا لانزال نستطيع أن نلمس بأيدينا سقفها الصخري القريب، وقفنا نتطلع حولنا في العالم، ترددنا قليلاً فقد بدا المكان موحشاً، وبدأنا السير في المتاهات الصخرية لطرق متعرجة، لنرى أعجوبة في كل زاوية، من الصعب تماماً وصف هذا المشهد الجميل والرائع والمخيف معاً...‏


تحمل مغارة الضوايات هذا الاسم لأنها مغارة ذات ثقوب مضيئة في سقفها، كان الضوء يبدو كدوائر مضيئة على الأرض، وما إن تنظر إلى الأعلى حتى ترى حبال الضوء المتساقطة من فتحات في السقف بحجم الكف فقط، فكنا كأننا على خشبة مسرح تتراقص عليه الأضواء أو في حلم ليلة صيفية باردة، أما الصخور فكانت تتشكل وتحفر نفسها لتكون منحوتات بيد إلهية يعجز عنها البشر، كما تبدو فيها الصواعد والنوازل بسبب الترسيب، لوجودها في الصخور الكلسية، فهي متكونة من فحمات الكالسيوم... أخبرنا بهذا صديقنا القادم من البحرين والذي يدرس الجيولوجيا، فقد كان أكثرنا سعادة بما يراه، حتى أنه قرر أن يكون مشروع تخرجه عن هذه المغارة بالذات، قال بفرحة العالم: هذه المغارة تكونت في الدور الجيولوجي الرابع أسوة بمغارتي جعيتا وقاديشا في لبنان،‏


لم نستمع كثيراً لمحاضرة العلوم الأرضية فقد كانت الإثارة قد بدأت، فطرقات المغارة بدأت تتفرع لتوقظ فينا حب المغامرة فنفترق عن بعضنا ونمشي وحيدين في هدوء الصخر تحت الأرض الصاخبة، لا يقطع هذا الصمت سوى صوت المياه المتقاطرة من الأعلى أو التي تتجمع كخيوط رفيعة على الأرض لتجد طريقها وتجتمع معاً، وكم واحد منا رفع رأسه وفتح فمه ليذوق هذه المياه الباردة السماوية، ثم ليضحك ملء فمه وقد تراشق وجهه كله بحبات المطر المنعش،‏


يبلغ طول المغارة الآن حوالي /500/ م لكن في نهايتها قسم يحتاج إلى الشق، ويتوقع الباحثون أن تكون المغارة أكبر من ذلك إذا ما تم شقها، كونها في منطقة جبلية، ويوجد في المغارة فراغات واسعة أكبرها بمساحة /300/م2 كما أن أرضية مسار المغارة من البداية وحتى العمق المكتشف متدرجة في الارتفاع والانخفاض، فقد كانت بحق أعجوبة من عجائب الطبيعة.‏


التقينا في نهاية المغارة بعدما مشينا 500 م فرحنا لوصولنا وحزنا كذلك فكم كنا نود لو لا تنتهي هذه المناظر الآسرة، كان الصخر قد أغلق فمه وأصبحنا في بطن الأرض، كان لا بد من الكثير من الصور الفوتوغرافية التذكارية خاصة عندما يبدو الصخر من حولك وأنت معلق فيه، لم يكن من السهل أن نترك هذا المكان الخلاب، لذا لم يكن من مشرف الرحلة إلا أن وعدنا بأن يأخذنا إلى تحفة طبيعية أخرى، وهكذا قفلنا عائدين إلى مشتى الحلو، كنا نبحث عن مجرد شجرة لكنها ليست أي شجرة بل شجرة الدلب، لم يكن من الصعب إيجادها، فهي شجرة برية مائية في وسط البلدة محيطها /6/ أمتار وارتفاعها /25/ م وعمرها حوالي /500/ سنة، جلسنا في فيئها وقد شارف المساء على القدوم فانضمت إلينا جوقة من عصافير الدوري ليكملوا مشوار النهار بأصواتهم الرخيمة.‏




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق