الجمعة، 8 سبتمبر 2017

الكنيسة المريمية



الكنيسة المريمية

‏‏الكاتدرائية المريمية كبرى كنائس دمشق وأقدمها، تتعانق قبتها مع المئذنة لتتناغم ألحان أجراسها مع أصوات الآذان مؤلفة سيمفونية فريدة تسحر العقل والقلب معاً تروي كل يوم قصة شعب لا يقهر وحكاية مدينة لا تنتهي. هي من أهمّ المواقع الأثرية المسيحية وأجملها، ليس في دمشق فحسب وإنما في بلاد الشام، ‏ارتبط تاريخها العريق بتاريخ دمشق أقدم مدن العالم الذي يعود إلى القرن الأول المسيحي، تضم عدداً من الكنائس داخلها بما تختزنه من تاريخ حاضره وماضيه, متوسطة بموقعها الطريق المستقيم في دمشق القديمة، ويقع بجانب الكنيسة من الخارج مئذنة متوسطة الطول كانت تستخدم من أيام الدولة العثمانية.‏‏


ذكرتها المصادر التاريخية باسم كنيسة مريم نسبة لاسم السيدة العذراء, وهي في الأصل كلمةٌ آراميةٌ، وصفةٌ مؤنّثةٌ بمعنى( نقية أو طاهرة).‏‏يعود تاريخ الكنيسة إلى «المريميين» وهم المسيحيون الأوائل في دمشق الذين كانوا يؤدون شعائرهم الدينية سراً حتى عهد الإمبراطور «قسطنطين الأول»، وعندما اعترفت الإمبراطورية البيزنطية بحرية العبادة خرج المريميون مع كنيستهم الأولى إلى العلن وكرسوها على اسم «مريم العذراء» وبقيت الكنيسة في الخدمة حتى وصول الفتح الإسلامي لمدينة دمشق.‏‏ ‏
تقع الكنيسة في «دمشق القديمة» على يسار الطريق المستقيم المتجه إلى باب شرقي من باب الجابية لهذا عند زيارتها لابد من المرور بالشارع المستقيم، وهو الشارع الذي يحمل الكثير من الأهمية الدينية والتاريخية للدمشقيين. بناه الرومان في القرن الأول قبل الميلاد، وكان الشارع الرئيسي لمدينة دمشق القديمة، وقد سمّى الرومان الشارع باسم فيا ريكتا أي الطريق المستقيم، والشارع جاء بناؤه بما يتناسب وأسلوب بناء المدن اليونانية والرومانية, أي أسلوب البناء الشطرنجي الهلنستي، والمقسم بالشوارع الصغيرة إلى أحياء صغيرة.‏‏

تعد من الكنائس الأثرية السورية القديمة. تتبع لطائفة الروم الأرثوذكس وهي مقر بطريركية «أنطاكية» وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.‏‏
أقسامها‏‏
تضم الكاتدرائية خمس كنائس:‏‏
- الأولى كنيسة السيدة مريم وهي الكنيسة الرئيسية.‏‏
- كنيسة القديسة كاترينا: - وكنيسة مار تقلا:
- كنيسة القديس نيقولاوس العجائبي: وهما كنيستان تم ضمهما إلى الكنيسة المريمة، كما أن هناك البرج الجرسي الذي تم بناؤه في زمن البطريرك إسبريدون 1891 م.‏‏
- هناك أيضاً جناح كامل للمقر البطريركي فيه صالة كبيرة لاستقبال الضيوف وعدد من الغرف ومكتبة.‏‏
تاريخ الكنيسة‏‏
 يعود تاريخ الكنيسة المريمية (الرئيسية) إلى القرن الأول المسيحي، في عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير كما أشرنا، و كان الإعلان عنها عندما اعترفت الدولة الرومانية لرعاياها بحريّة العبادة، وأصبح المسيحيون قادرين على إعلان إيمانهم دون التعرض إلى الاضطهاد، وظهرت الكنائس علانية بعدما كانت حتى هذا التاريخ في الكهوف.‏‏  على الرغم من تعرّضها إلى الخراب عدّة مرات في التاريخ، إلا أنّها من الكنائس التي حافظ عليها الفتح الإسلامي، الذي دخل دمشق عام 635 م، حيث فتحت الجيوش العربية الإسلامية دمشق من بابين: الباب الشرقي بقيادة خالد بن الوليد لتعلن الحرب، ومن باب الجابية الغربي، بقيادة أبي عبيدة بن الجرّاح، معلنةً الصلح بوساطة سرجون النصراني، جدّ القديس يوحنّا الدمشقي، والتقى الجيشان عند المئذنة البيضاء بجوار الدار البطريركية الأنطاكية حالياً(الكنيسة المريمية) فأغلقت الكنيسة، واعتبرت من أملاك الدولة لوقوعها على الحدّ الفاصل بين دخول جناحي جيش المسلمين.‏‏

 ظلّت الكنيسة مغلقة حتى العام 706 م ما أدى إلى إهمالها وتخريبها وفي نفس العام قام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بإعادتها إلى الرعية الأرثوذكسية مقابل كاتدرائية (يوحنا المعمدان) والتي أصبحت فيما بعد الجامع الأموي حيث قال لهم: إننا نعوض عليكم عن كنيسة «يحيى» بكنيسة «مريم».‏‏
 تعرضت الكنيسة بعد عهد عمر بن عبد العزيز للكثير من الحرائق والأعمال التخريبية ففي عام 926م دُمرت الكنيسة بفعل بعض المخربين وأمر الخليفة «المقتدر بالله» بإعادة ترميمها، وفي عام 950 م أُحرقت بأمر من «أحمد بن طولون»، وتعرّضت للحريق عام 1009 بأمر من الحاكم بأمر اللّه الفاطمي، لكنّه عاد وسمح بإعمارها بعد عام واحد، وتخربت من جديد عام 1260، وأعيد بناؤها، ثمّ خرّبها جنود تيمورلنك عام 1400، ونهبوا كنوزها وأمتعتها وأوانيها فأعاد البطريرك ميخائيل الثالث إعمارها ورُمّمت وأعيد بناؤها.‏‏
- في عام 1342 م انتقل مركز الكرسي البطريركي الأنطاكي إلى الكنيسة المريمية وأصبحت مقراً بطريركياً لطائفة الروم الأرثوذكس.‏‏  في عام 1759 م وقعت في دمشق هزة أرضية عنيفة أدت إلى تصدع جدران الكنيسة فبقيت الكنيسة على حالها حتى وصول البطريرك دانيال عام 1767م،الذي استأذن والي دمشق (محمد باشا العظم) بهدمها وإعادة بنائها وكان ذلك في عام 1777 م.‏‏  في أحداث (سنة الطوشة) 1860 أحرقت وتخرّبت، فأعاد البطريرك إيروثيوس الأول بناءها، وضمّ إليها ساحة كنيسة كبريانوس ويوستينا، وألغى كنيسة القديس نيقولاوس لعدم الحاجة إليها، ودمج هذه الكنائس في كنيسة واحدة سمّيت المريمية.  وفي عام 1953 م عانت الكنيسة من تصدع في سقفها فقام البطريرك ألكسندروس الثالث بتجديدها هدم سقفها المتشعث وأعاد النقوش والألوان والرسوم إليها بأموال تم تقديمها من الحكومة السورية ومن مؤسسات الرعية الأرثوذكسية، وتبرّع بترميمها وتجميلها المُحسن ميشيل مرهج عام 1998.‏‏
طراز الكنيسة‏‏
ذكرت في المصادر التاريخية أنها كانت عظيمة البناء فهي مبنية على الطراز البيزنطي, ذات بناء كبير يحتوي على عدة أروقة وساحات واسعة تقام فيها الشعائر الدينية المختلفة وتتسع إلى ستمائة شخص تتوسطها قاعة، وعلى الجانبين منبران من الحجر لكلٍّ منهما سلماً ملتوياً، كانا يستخدمان لقراءة الإنجيل، وفيها على الجانبين اثنتان ما يسمى بالبيما، وهو مكان وقوف الكورال الذي يردد الصلوات والتراتيل الدينية خلف الكاهن، والذي يقوم بالغناء الكورالي في الاحتفالات الدينية.‏‏
- يحتفَل بعيد شفيعة الكاتدرائية سيّدة النياح في 15 آب من كل عام, وتقوم هذه الكاتدرائية بخدمة أبناء الطائفة في منطقة القيمرية، وفي مناسبات عدّة لأبناء الطائفة بدمشق.‏‏














ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق