الجمعة، 8 سبتمبر 2017

كنيسة القديس مارجاورجيوس في درعا



كنيسة القديس مار جاورجيوس:
عند تقطع طريق السويداء القنيطرة من الشرق والى الغرب ، على الخط الرئيسي دمشقعمان من الشمال إلى الجنوب. عند High King Way – الحجاز، طريق الحج أو طريق الملوك موقع الشيخ مسكين تستوقفك لافتة سياحية تقول: )) اقصدوا ألف باء الفن المعماري الكنسي (( والمقصود كنيسة القديس جورجيوس للروم الأرثوذكس القائمة في مدينة ازرع .

ومن الطبيعي الإشارة إلى أننا استقينا الكثير من معلوماتنا عن هذه الكنيسة البالغة الأهمية من كتابات وأبحاث الكاتبة والأديبة فهمية نصر الله التي بذلت الكثير من وقتها وجهدها في سبيل ابراز الخصوصيات المتميزة لهذه الكنيسة . بنيت الكنيسة فوق أساسات معبد وثني للآلهة ثياندريت، التي كانت تعبد بشكل واسع في جميع أرجاء حو ا رن، كان ذلك أواخر عام 515 م أو بداية 516 م.
والحقيقة أنها البناء الوحيد القائم حتى الآن الذي تتمثل فيه كيفية انتقال الكنائس من الط ا رز البازليكي المستطيل إلى الشكل المربع الذي تعلوه قبة من الحجر، قائمة على قاعدة مثمنة الشكل. يقول عنها دي فوغ )) أنها أكثر المباني في تلك المنطقة ((، أدرجها فلتشر في كتابه تاريخ الهندسة المعمارية الصادر عام 1961 م الذي يعد مرجعاً أساسياً لطلاب الهندسة في جميع أنحاء العالم. أنها معاصرة لأشهر الكنائس في العالم القديم أمثال: كنيسة سيرجيوس وباخوس في بصرى 512 م. كنيسة سانت فيتال في ايطاليا، كنيسة أيا صوفيا في استنبول 535 م.

لا ا زلت تحافظ على أصلها الأول، ولعل التغيير الوحيد الذي أصابها قد نتج عن الحروب التي خربت جزءاً من قبتها، في أعقاب حملة إب ا رهيم باشا. رممت في عهد البطريرك غريغوريوس حداد الذي دشنها بنفسه ضمن احتفال مهيب سنة 1911 م. ومنذ ذلك التاريخ وحتى الساعة لم تصب بأي تشويه كما يفيد بذلك جميع السكان.

بنيت بكاملها من حجر البازلت الحو ا رني المنحوت بدقة متناهية، شكلها الخارجي مربع في الضلع الشرقي منها يبرز شبه منحرف، يتضمن حنية الهيكل، ويوجد داخل الكنيسة شكل مثمن يتوزع أمام كل ضلع من أضلاعه الثمانية. عضادة ضخمة ذات شكل فريد، تتألف الواحدة منها من عدة أضلاع متداخلة ومنكسرة ومنحنية تحمل هذه العضادات فوقها كتلتي القناطر والسقف وكتلة القبة. ويوجد في كل ا زوية من الزوايا الرئيسية الأربعة من الداخل، حنية على شكل غرفة نصف دائرية، يحد كلاً منها وفوق قطرها المنفتح على جسم البناء الداخلي قنطرة جميلة تعلوها نافذة مقوسة.

أقسام الكنيسة:
الهيكل: ويتميز بمكوناته الفخمة موقعه في الضلع الشرقي من الكنيسة، يتألف من عدة أقسام متصلة ببعضها فهناك المذبح الذي هو عبارة عن عتبة حجرية محاطة بقناة منحوتة.
السقف: يعد واحداً من أجمل السقوف المعروفة نظ ا رً لدقة الهندسة في رصف معظم العناصر المشكلة له، يعتمد هذا الط ا رز على رصف مداميك حجرية طويلة، بحيث يرتكز طرف كل مدماك على حافة القنطرة والطرف الآخر على الجدار الجانبي، ثم يصار إلى رصف سقف آخر بحجم اصغر من السقف الأول وباتجاه معاكس بهدف التقوية والمتانة.

القبة: كانت قبة هذه الكنيسة مبنية من الحجر لكنها انهارت واستعيض عنها بواحدة مصنوعة من الخشب المغطى من الخارج بطبقة معدنية، ترتفع عن الأرض أكثر من 15 م وترتكز على رقبة دائرية الشكل.
بوابات الكنيسة: ولها ثلاث بوابات الجنوبية والشمالية متطابقتا الشكل والمضمون، أما الغربية فهي الأفخم كونها تتألف من باب كبير يعلوه سأكف حجري آية في الروعة والجمال، يحمل كتابات يونانية مسيحية تعريبها: )) إن ملتقى الأبالسة أصبح الآن منزلاً للرب السيد، إن نور الخلاص يملأ هذا المكان الذي كانت تغطيه من قبل الظلمات، فالاحتفالات الكنيسة حلت محل الطقوس الوثنية، والمكان الذي كان مرك ا زً لخلاعة الآلهة، تصدح منه اليوم تسابيح الرب. إن رجلاً محباً للمسيح الشريف جان ابن ديوميدس هو الذي بنى من ماله الخاص هذه الكنيسة الجميلة ووضع فيها ذخيرة الشهيد جورجيوس، بعد أن ظهر له القديس المذكور ليس في المنام .)) بل في اليقظة عام 41 ويحد طرفي الساكف دائرتان تحويان رمز الصليب يتدلى من كل واحدة منهما قطوف العنب، هذه العناصر موجودة ضمن إطار نحتي نافر بشدة آية في الجمال والذوق الرفيع.
هذا وتحتوي الكنيسة إضافة لهذه الكتابة بعض الكتابات منها: كتابة يونانية مسيحية على مذبح صغير تعريبها )) صنعه كاسيانوس (( وكتابة أخرى على حجر في رواق خارجي يحيط بالقبة ويؤكد الأب متري هاجي اثناسيو العثور على آلة يدوية من البرونز في أحد آبار كنيسة جورجيوس عام 1903 م. كانت تستخدم لختم القربان. الطرف الأعلى منها يشبه قرن الكبش، ويوجد في طرفها الأسفل طابعة ذات شكل مستطيل نقشت عليها كتابة يونانية مسيحية تعريبها )) إله واحد ((.
يظهر أن الكنيسة واضافة لوظيفتها الدينية قد لعبت دور قلعة دفاعية، وهذا ما تؤكده الباحثة فهمية نصر الله في إحدى كتاباتها، جاء ذلك كحل وقائي أوقات الخطر. ففي الجهة الشمالية الداخلية للهيكل يوجد باب يفضي لغرفة مظلمة يقوم وسطها سلم حجري يؤدي إلى سطح البناء يصعب على الغريب التعرف عليه. فيسقط في بئر فتحته تحت الدرج، تفتح وتغلق حسب الحاجة. فإذا قيض للمهاجم تتبع معالم الطريق المؤدي إلى السطح يفاجأ بعد صعوده عدة درجات بفتحة ضيقة جداً، فيجد نفسه مضط ا رً للعبور منها كما يخرج الطفل من الرحم ) باسطاً يديه أمام وجهه (، فيتمكن احد الح ا رس من ضرب رقبته بأي آلة حادة أو حتى سكب شيء مغلي ) ماءزيت ( على أ رسه ثم يركله ليسقط ميتاً على الفور.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق