مقام الإمام "زين العابدين"
كثيرة
هي الأماكن التي تمثل للناس دلالة دينية وصلة وصل مع الخالق تعالى، فإذا كنت من
أهالي محافظة "حماه" فلا بد وأنك سمعت أو التقيت بمن زار أو يهتم بزيارة
جبل الإمام "زين العابدين" ـ ليس لأنه الأفضل بين جبال المنطقة ـ ولكن
لتموضع أحد مقامات الأئمة الطاهرين فوقه وهو "علي بن الحسين (ع)"
المعروف بمقام "زين العابدين" والذي يقع شمالاً على الطريق المتجهة نحو
"حلب" وعلى بعد يقارب (15كم) من قلب المحافظة "حماه".
عن
تاريخ وأهمية المقام يحدثنا "خادم المقام" ـ وهو المسؤول المباشر عن كل
ما يتبع للمقام ـ "علي موسى الحمدان" المعروف "أبو شمعون"
بالقول: «المقام مرتبط بواقعة "كربلاء" فعندما قتل "الحسين بن علي
(ع)" أمر "يزيد بن معاوية" بإحضار رأسه إلى "دمشق" فأخذ
له بموكب ضم نساء أهل البيت والإمام "علي بن الحسين" وأثناء عبورهم
قادمين من "حلب" إلى "حماه" خرج أهالي قرية
"الطيبة" واستقبلوا الموكب ـ موكب السبايا ـ وقدموا لهم الطعام والشراب
ورحبوا بالإمام ومن معه فدعا لهم قائلاً (طيب الله ثراكم) ومنذ ذلك الوقت أطلق
عليها "طيبة الإمام علي" وعندما واصل الموكب مسيره باتجاه "حماه"
رفض أهالي المدينة أن يمر أهل البيت مكبلين بالحديد على الجمال وهم ينظرون إليهم
فنزل الموكب في بقعة من الأرض في أسفل جبل "القرون" سنة 61 للهجرة ـ
الذي سمي فيما بعد تيمناً بقدوم الإمام إليه جبل "زين العابدين" ـ وكان
في أثنائها مريضاً ويقال أنه كان يعاني من (الربو) وهو يحتاج إلى الهواء العليل فصعد الجبل
لينفرد بالعبادة فكان يقيم الصلاة على صخرة في أعلاه ـ وهو مكان المزار حالياًـ».
ويشرح
عن سبب تسمية الإمام "علي بن الحسين" باسم "زين العابدين"
قائلاً: «لقب الإمام بلقب "زين العابدين" لكثرة عبادته حيث كان يصلي في
اليوم الواحد (1000) ركعة ـ حيث كان يصلي في المكان المتواجد فيه المقام حالياً،
وهو بشكل (قبر) كان موضع سجوده ووضع (الشكل) للمحافظة على البقعة التي تشرفت
بسجوده عليها ـ حيث إن القبر الذي يضم جسده الطاهر موجود في "البقيع" في
"المدينة المنورة" ـ وتقول الرواية أنه بقي في هذا المكان أربعة أيام،
ورواية أخرى تقول عشرة، وأخرى تقول مدة ذهاب البريد إلى "دمشق" وعودته
من عند واليها».
وعن
بناء المقام ومن قام ببنائه فيقول: «بعد مغادرة الإمام هذا المكان أصبح أهل
"حماه" يرون أنواراً تسقط في هذه البقعة ـ تبهر الأبصار ـ فأتى أحد
الأشخاص ممن رؤوا تلك الأنوار بأخيه الكفيف إليها ـ وهي المكان الذي كان يصلي به
الإمام ـ فمسح الكفيف على الصخرة ومسح على وجهه فارتد له علي خليفة بصره، في نفس الوقت كان والي "حلب"
ويدعى "أبو النصر قاني باي" وهو شركسي مملوكي لديه ولد مريض ـ عجز
الأطباء عن شفائه ـ فذهب الشاب الذي استعاد بصره إليه وأخبره قصته ونصحه بإرسال
ولده لهذا المكان فيشفى ـ بإذن الله ـ وفعلاً تم ذلك، فبقي الملك وجيشه في هذا
المكان حتى بناه على الشكل الذي نراه وذلك سنة 883 للهجرة ووضع التاريخ على باب
المسجد وكتب عليه (باسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذا المسجد المبارك مولانا
السلطان الملك الأشرف "أبو النصر قاني باي" خلد الله تعالى ملكه على يد
"صائن الدين بن إبراهيم القاني باي") وهي ما تزال موجودة حتى الآن».
عن
زوار المكان فيقول "أبو شمعون": «يقصد المقام جميع الطوائف الإسلامية
والمسيحية أيضاً من كل أنحاء القطر وكل يمارس شعائره بحرية ودون أي تعقيد لأنهم
يقصدون المقام لمحبتهم بزيارته ـ والقاصد بإذن الله تقضى حاجته ـ وظهرت براهين
كثيرة على ذلك وما زالت مستمرة».
وعن
سؤالنا لأحد زوار مقام "زين العابدين" يجيبنا السيد "علي
خليفة" وهو من أهالي "حمص" عن معنى هذه الزيارة بالنسبة للزائر:
«زيارة المقام لأغلب الناس تؤدي إلى ارتياح نفسي وذلك لشعور المخلوقات بوجود بعض
المواقف التي لا يمكن حلها إلا عن طريق الراحة النفسية فشعورهم بأنهم يزورون
أولياء الله يخلق حالة نفسية مريحة تنعكس على مجمل تفكيرهم وتخلصهم من بعض الضغوط
النفسية التي يعانون منها وهذا الانعكاس النفسي يؤثر على صحة الجسم بشكل إيجابي».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق